عشاق الله

تأملات موسيقية

للفنان مِشْعل عبد الحي

1-   كتاب الرؤيا ورقصة الملائكة

لست سوى فنان موسيقي عادي. لا أحسن الرقص ولا أستطيعه، ولا أنا من النوع الذي يتعاطى مع الأحاسيس الصوفية أو شبه الدينية: وهو الأمر الذي جعل ما حدث معي ليلا وأنا أقوم بتأليف هذه الموسيقى أمرا يفوق الروعة.

لقد سافرت كثيرا في جميع أنحاء العالم، وأقمت بسبب شغلي في بلدان كثيرة، حتى صار لدي أصدقاء ينتمون لجميع العقائد والأعراق والألوان. لذلك عندما كنت أستمع إلى كلمات ذلك المقطع من سفر الرؤيا للحواري يوحنا لأضع له موسيقى تصاحبه، تراءى لي بعين خيالي حشد كبير من الناس من جميع بلدان الأرض. كانوا يسبحون لله بينما بوق الله يجلجل فوقهم. ثم مع إعلان الساعة منتصف الليل، رأيت نفسي محاطا بجمع غفير من الملائكة يرقصون حولي، فأدركت أن الموسيقى التي كنت أكتبها لذلك المقطع قد أخذت هيأة رقصة عظيمة، فجثوت هناك والدموع تنهمر من عيني خشوعا أما عظمة مجد الله.

 

2-   قصيدة نزار وإيقاع القلق

لدي في غرفة الموسيقى شعار مكتوب باللغة الرومانية على الجدار يقول:
Când viaţa te lasă fără cuvinte, cântă!
(«عندما تتركك الحياة بدون كلمات، غنّ!») فالموسيقى هي بالنسبة لي وسيلة طبيعية للتعبير مثل الكلام تماما. لذلك عندما دُعيتُ لتأليف موسيقى ترافق قصيدة نزار قباني «هل تسمحون لي؟»، قرأت القصيدة مرة واحدة ووضعتها جانباً. ثم صرت أتصور شعوري لو أن حياتي كانت عرضة لنفس التحديات التي تصفها القصيدة، لو أنني عشت في مهب قوى تقذف بي تارة إلى الأمام وتجذبني تارة إلى الخلف، تقذف بي إلى الأمام وتجذبني إلى الخلف؟ وحاولت بعفوية ترجمة ذلك الشعور إلى موسيقى: فجاء الإيقاع كما هو في الفيديو: ثلاث خطوات في اتجاه، وخطوتان في الاتجاه الآخر ... بشكل مثير للقلق.