عشاق الله

إرادة الحياة/ أبو القاسم الشابي

إرادة الحياة

(تحية إلى الشباب العربي في انتفاضة الحياة)

أبو القاسم الشابي

 

إذا الشّعْبُ  يَوْمَاً  أرَادَ  الْحَيَـاةَ  فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ  القَـدَرْ

وَلا بُـدَّ  لِلَّيـْلِ أنْ  يَنْجَلِــي  وَلا  بُدَّ  للقَيْدِ  أَنْ  يَـنْكَسِـرْ

وَمَنْ  لَمْ  يُعَانِقْهُ  شَوْقُ  الْحَيَـاةِ  تَبَخَّـرَ  في  جَوِّهَـا  وَانْدَثَـرْ

فَوَيْلٌ  لِمَنْ  لَمْ  تَشُقْـهُ  الْحَيَاةُ  مِنْ  صَفْعَـةِ  العَـدَم  المُنْتَصِرْ

كَذلِكَ  قَالَـتْ  لِـيَ  الكَائِنَاتُ  وَحَدّثَنـي  رُوحُـهَا  المُسْتَتِرْ

وَدَمدَمَت  الرِّيحُ  بَيْنَ  الفِجَاجِ  وَفَوْقَ  الجِبَال  وَتَحْتَ  الشَّجَرْ

إذَا مَا  طَمَحْـتُ  إلِـى  غَـايَةٍ  رَكِبْتُ  الْمُنَى  وَنَسِيتُ  الحَذرْ

وَلَمْ  أَتَجَنَّبْ  وُعُـورَ  الشِّعَـابِ  وَلا كُبَّـةَ  اللَّهَـبِ  المُسْتَعِـرْ

وَمَنْ  لا  يُحِبّ  صُعُودَ  الجِبَـالِ  يَعِشْ  أَبَدَ  الدَّهْرِ  بَيْنَ   الحُفََـَرْ

فَعَجَّتْ  بِقَلْبِي  دِمَاءُ  الشَّبَـابِ  وَضَجَّتْ  بِصَدْرِي  رِيَاحٌ  أُخَرْ

وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ  الرُّعُودِ  وَعَزْفِ  الرِّيَاح  وَوَقْعِ  المَطَـرْ

وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا  سَأَلْتُ :  " أَيَـا أُمُّ  هَلْ تَكْرَهِينَ  البَشَر؟"

"أُبَارِكُ  في  النَّاسِ  أَهْلَ  الطُّمُوحِ  وَمَنْ  يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ  الخَطَـر

وأَلْعَنُ  مَنْ  لا  يُمَاشِي  الزَّمَـانَ  وَيَقْنَعُ  بِالعَيْـشِ  عَيْشِ  الحَجَر

هُوَ الكَوْنُ  حَيٌّ ، يُحِـبُّ  الحَيَاةَ  وَيَحْتَقِرُ  الْمَيْتَ  مَهْمَا  كَـبُر

فَلا  الأُفْقُ  يَحْضُنُ  مَيْتَ  الطُّيُورِ  وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر

وَلَـوْلا  أُمُومَةُ  قَلْبِي  الرَّؤُوم  لَمَا ضَمَّتِ  المَيْتَ تِلْكَ  الحُفَـر