عشاق الله

الصيام في الشعر العربي

يقول الشاعر الجزائري محمد الأخضر يمتدح هلال رمضان:

امـلأ الدنيـــا شعاعـا أيهــا النـور الحبيب
قـد طـغـا الناس عليهـا وهـو كالليـل رهيب
فترامــت فـي الدياجـي ومـضت لا تستجيب
ذكـّر النــاس عهــودا هي من خير العهــود
يوم كان الصـوم مــعنى للتسامــي والصعـود
ينشر الرحمـة في الأرض علـــى هذا الوجـود

ويقول محمود حسن إسماعيل مرحبا بشهر الصيام :

أضيف أنت حــل على الأنام وأقسـم أن يحيــا بالصيـام
قطعت الدهـر جوابـا وفيـا يعـود مزاره فـي كل عـام
تخيم لا يحد حمـاك ركــن فكل الأرض مهـد للخيـام
نسخت شعائر الضيفان لمـا قنعت من الضيافة بالمقــام
ورحت تسد للأجواد شرعـا من الإحسان علوي النظــام
بأن الجود حرمـان وزهـد أعـز من الشراب أو الطعام

ويصور مشهد الصائمين المترقبين صوت المؤذن منتظرين في خشوع ورهبة نداءه فيقول:
  جعلت الناس في وقت المغيب عبيد ندائك العاتي الرهيب
كما ارتقبوا الأذان كأن جرحا يعذبهم ، تلفَّت للطبيــب
وأتلعت الرقاب بهم فلاحـوا كركبان على بلد غريـب
عتاة الأنس أنت نسخت منهم تذلل أوجه وضنى جنـوب

ونجد الشاعر أحمد مخيمر يناجي رمضان قائلا :
أنت في الدهر غرة وعلـى الأر ض سلام وفي السماء دعـــاء
يتلقاك عند لقيـــاك أهل الـ ـبر والمؤمنون والأصفيـــاء
فلهم في النهار نجوى وتسبيــ ـح وفي الليل أدمــع ونــداء
ليلة القدر عندهم فرحة العمـ ـر تدانت على سناها السمــاء
في انتظار لنورها كل ليـــل يتمنى الهدى ويدعو الرجـــاء

وتعيش الأرواح في فلق الأشوا ق حتى يباح فيــها اللقـــاء
فإذا الكون فرحة تغمر الخلــ ــق إليه تبتـل الأتقيــــاء
وإذا الأرض في سلام وأمــن وإذا الفجر نشـــوة وصفــاء
وكأني أرى الملائكة الأبـــ ــرار فيهـا وحولها الأنبيــاء
نزلوا فوقها من الملأ الأعلــ ـى فأين الشقـاء والأشقـياء ؟


ويقول الشاعر مصطفى حمام:
حدِّثونا عن راحة القيد فيـه حدثونا عن نعمة الحرمـان
هو للناس قاهر دون قهــر وهو سلطانهم بلا سلطـان
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟

وفي شهر الصيام ، تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ، فتصوم العين بغضها عما حرم الله النظر إليه ، ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة ، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه ، ويصوم البطن عن تناول الحرام ، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض . وفي ذلك يقول أبو بكر عطية الأندلسي :
إذا لم يكن في السمع مني تصامم وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت


ويقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن العيوب والآثام :

يا ذا الذي صام عن الطعام ليتك صمت عــن الظــلم
هل ينفع الصوم امرؤ طالما أحشاؤه مــلأى مــن الإثم