عشاق الله

قارب النجاة/آن ماري شيمل

قارب النجاة

آن ماري شيمل 

 

تظلمونني كثيرًا يا مَن تحاولون تشويه قناعاتي،

تظلمونني كثيرًا يا مَن تطلقون أراجيفكم

على حنايا نفسي المهتدية

بعد طول ضياع وتأمل.

إن قلبي يمنح الحبَّ بغزارة

ودون توقف

مثل ينبوع متدفق لا ينضب

ولا يملُّ العطاء

وحناني أشد من الشلالات

أمنح الحبَّ لمن يستحقه من البشر

ولمن لا يستحقه.

أردت أن تكون لحياتي القصيرة

قيمة ذات جدوى

فحملت قنديلاً أضيء به النفوس الضالَّة

المقبلة على الحياة بغرور أجوف –

هذه البشرية المنغمسة حتى أنخاع العظم

في ماديات زائلة –

فصنعت لهم قاربًا لنعبر المحيط –

وأرادوها سفينة مثل تيتانيك

أردت إقناعهم بأن تيتانيك ستغرق لا محالة

لكنهم أمعنوا في غيِّهم

ورفضوا الإبحار معي في قارب النجاة

ووقفوا على الشاطئ المهجور يتفرجون

ولم أرَ غير مناديلهم يلوحون بها لي

وأنا أبتعد عنهم.

تركتهم للمحيط

وأنا مبتهجة لأمواجه العاتية

أصارع في تحطيمها

وكأني أعبر إلى الحياة من خلالها

يظلِّلني السحاب وتحتضنني الرياح العاتية

وتأخذ النجوم بدفتي قاربي

تشجعني على الصمود

وشراع قاربي مرتفع الهامة

متوَّق أن يرى معي الشاطئ الآخر.

والشمس توقظني كلَّ صباح

وتحزن عند غروبها عني

والقمر يهمس في مسامعي كلَّ مساء

بإيقاع موسيقى دافئ

وبتراتيل عذبة

والحياة جميعها عملاقة من حولي

تخاطبني بأحلى الكلمات

تحاورني حتى أشعر بالوحشة.

فلتمرَّ الأيام سريعة

لتحط طيور البحر على شراعي

لتعلن أن شاطئ الأمل قريب

لأقفز جذلى برؤية الأرض الجديدة

عبر الأفق اللامتناهي –

فهذا يؤكد تجاوز دياجير العتمة

وأدركت عوالم النور.

وللأسف الشديد

– حيث لا ينفع الندم –

أبرقوا لي مَن ودَّعوني

في رحلتي العاتية المديدة

يريدون اللحاق بي

– حيث لا يفيد لوم الأنفس –

كي يحصلوا على النجاة معي –

ذاك أن سفينتهم العتيدة، تيتانيك،

كانت ستغرق لا محالة.