عشاق الله

صرمت حبالك (لصالح بن عبد القدوس)

  صرمت حبالك
(لصالح بن عبد القدوس)

صَـرمتْ حـبالك بعد وصلك زينـــبُ
والـدهــــرُ فـيــــه تـصــرّم وتـقـــلبُ

وكــذاك وصـلُ الـغانيــاتِ فــــإنـــه
آللٌ ببـَـلْـقعـــة وبـــرقٌ خُــــلـــــب
ُ
فـدع الـصّبا فـلقد عـداك زمـــانـهُ
واجـهد ، فـعمرك مر منه الأطـيـب

ذهـب الـشبابُ فـما له من عودة
وأتـى الـمشيبُ فـأينَ منه المهرَب

دع عـنك ما قد فات في زَمنِ الصبّا
واذكُـر ذنـوبك وابـكهــا يـــا مُذنـــب

واخــشَ مُـناقشة الـحساب فـإنــه
لا بُـد يـحصي مـا جنــيــتَ ويُكتب

والـليلَ ، فـاعلم ، والنهار كلاهما
أنـفـاسنـا فـيـه تُـعــــدّ وتـحــسـب

لـم يـنسه الـملكانِ حـينَ نـسيته
بــل أثـــبتـاه ، وأنـتَ لاهٍ تـلــعــب

والــروح فـيك وديـعـــةٌ أُودعـتــهــا
سـتـرُدها بالـرغم مـنــكَ وتُـسلــب

وغُـرورُ دنـياكَ الـتي تَـسعى لــهــا
دارٌ حـقـيـقتها مَـــتـــــاعٌ يـــذهـب

وجـمـيعُ مـا حَـصلته وجـمعـــتـــهُ
حـقـاً يـقينا بـعدَ مـوتـــكَ يُـــنهــب

تُـبّـا لــدار ٍ لا يــــدوم نـعيـــمهـــا
ومـشـيـــدها عـمـا قـليل ٍ يـــخـرب

لا تـأمـنِ الـدهر الـخــؤونَ لأنــــه
مــا زالَ قـدمـــاً لـلـــرجــالِ يُـهذب

وكـذلـكَ الأيــــامُ فـي غـصّاتــهــا
مـضضٌ يـذلُ لـه الأعــز الأنــجـــب

ويـفـــوزُ بـالمــال الـحقيرُ مـكانةً
فـتـراهُ يُـرجـى مـا لــديـــه ويُـرغب

ويُـسـرّ بـالترحيب عـنـــد قُـدومـه
ويُـقـامُ عـنـد سَـلامـــهِ ويـقُـــــرّب

لاتـحرصنْ فـالحرص ليس بزائــد
في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب

كـم عـاجز فـي الناسِ يأتي رزقه
رغــداً ويُـحـرم كـيّــس ويـخيّـــب

فـعليك تـقوى اللهِ فـالزمها تـفُز
إن الـتـقيّ هـو الـبهي الأهـيــــب

واعـمل بـطاعتهِ تـنلْ مـنـه الرَّضا
إن الـمـطـيـــعَ لَـربـــه لـمـقــــــرّب

أدّ الأمـانـة ، والـخيانةَ فـاجتنب
واعـدل ولا تـظلم يـطيب المكسب

واحـذر مـن المظلوم سهماً صائباً
واعـلـم بـأن دُعـاءه لا يُـحجــــب

وإذا أصـابك فـي زَمـانك شــــدّة
وأصـابك الـخطب الكريــه الأصعب

فــادع لـرَبك إنـه أدنـى لـمــــنْ
يـدعوه مـن حَـبل الوريد وأقـــــرب

واحـــــذر مـؤاخـاة الـدنــيّ لأنـه
يــــعـــــدي الـصـحيـــح الأجــــرب

واخـتر صـديقك واصطفيه تفاخراً
إن الـقَرين إلـى الـمقارنِ يُـنــسب

ودع الـكذوبَ ولا يـكنْ لكَ صاحباً
إن الـكذوبَ لـبئــس خــلاً يصحـب

وذر الـحـسود وإن تـقادم عَـهــده
فـالحقد بـاق فـي الصدورِ مغيَّب

واحـفظ لِـسانك واحترز من لفظه
فـالمرء يـسلم بـاللسان ويـعطَب

وزن الـكلام إذا نـطقت ولا تـكن
ثـرثـارةً فــــي كـــلّ نــــاد تـخطب

والـسـرّ فـاكتمه ولا تـنطــق بـــه
فـهو الأسـير لـديك إذ لا يَـنــشب

واحرص على حفظ القلوب من الأذى
فـرجُوعهـا بـعـد الـتنافـر يـصعب

إن الـقـلوبَ إذا تـنـافـــــر ودهــا
شـبه الـزجاجة كـسرها لا يشعب

وإذا رأيـت الـرزق ضــــاق بـبلدة
وخـشيتَ فـيها أن يضـيقَ المكسِب

فـارْحَل فـأرض الله واسعة الفضا
طـــولاً وعـرضاً شـرقهـــا والمغــرِب

----------------