لولا رجائي (أبو تمام)
لولا رجائي
أبو تمام
ألَمْ يانِ تَرْكِي لا عَلَيَّ و لا لِ
وعزمي على ما يَا فيه إصلاح حالِيا
وقد نال مني الشيب وابْيَضَّ مفرقي
وغالت سوادي شهبة في قذاليا
وحالت بي الحالات عما عهدتها
بكر الليالي والليالي كما هيا
أُصَوِّتُ بالدنيا وليست تجيبني
أحاول أن أبقى وكيف بقائيا
وما تبرح الأيام تحذف مدتي
بِعَدِّ حساب لا كَعَدِّ حسابيا
لتمحوَ آثاري وتخلق جدتي
وتخلي من ربعي بِكرْهٍ مكانيا
كما فعلت قبلي بطسم وجرهم
وآل ثمود بعد عادِ بن عاديا
وأبقى صريعا بين أهلي جنازة
ويحوي ذوو الميراث خالصَ ماليا
أقول لنفسي حين مالت بصغوها
إلى خطرات قد نتجن أمانيا
هبيني من الدنيا ظفرت بكل ما
تمنيت أو أعطيت فوق أمانيا
أليس الليالي غاصباتي بمهجتي
كما غصبت قبلي القرون الخواليا
و مُسْكِنَتِي لَحْداً لدى حفرة بها
يطول إلى أخرى الليالي ثوائيا
كما أسْكَنَتْ ساما وحاما ويافثا
ونوحا ومن أضحى بمكة ثاويا
فقد آنست بالموت نفسي لأنني
رأيت المنايا يخترمن حياتيا
فيا ليتني من بعد موتي ومبعثي
أكون رفاتا لا علي ولا ليا
أخاف الهي ثم أرجو نواله
ولكن خوفي قاهر لرجائيا
ولولا رجائي واتكالي على الذي
توحَّد لي بالصنع كهلا و ناشيا
لما ساغ لي عذب من الماء بارد
ولا طاب لي عيش ولا زلت باكيا
على إثر ما قد كان مني صبابة
ليالي فيها كنت لله عاصيا
فإني جدير أن أخاف وأتقي
وان كنت لم أشرك بذي العرش ثانيا
======================