تهويمة صوفية - (فدوى طوقان)
تهويمة صوفية
فدوى طوقان
أي لحن مسلسل رقراق راح ينساب في مدى الآفاقِ
أيقظ الكون حين منبثق الفجر على غمرةٍ من الأشواقِ
وإذا الحب ملء هذا الوجود الرحب يسري في روعةٍ وانطلاقِ
وإذا الكائنات يغرقها الوجد الإلهي في سنى الإشراقِ
والجبال الشماء تشخص نحو الله سكرى في ذهلة المشتاقِ
وندى الفجر في الرياض الحوالي أدمع الشوق رقرقت في المآقي
أي لحنٍ مخلدٍ سرمدي من لحون الآزال والآبادِ
أي لحنٍ قد صيّر الكون أغرودة حبٍ رخيمة الإنشادِ
يا لهذا النشيد تنطلق الأرواح فيه من ربقة الأجسادِ
يا لهذا النشيد يوغل في أعماق ذاتي محطماً أصفادي
يا لقيدي الأرضي يسحقه اللحن ويذروه حفنةً من رمادِ
وإذا الروح في تجرده يسمو مشعاً كالكوكب الوقادِ
عانق اللحن مصعداً وتوارى يتخطى شواسع الأبعادِ
غارقاً في صفائه قد تغشته غواشي غيبوبةٍ وامتدادِ
كلما رنّ في السكون صدى تسبيحة الله رائع الترديدِ
وسرت في الأثير أنغامها الطهر وأوغلن في الفضاء البعيدِ
أهطعت أنفسٌ وذابت قلوبٌ يزدهيها الفناء في المعبودِ
وتسامى الشعور يلهب فيها خلجات الإيمان والتوحيدِ
يا لهذا الصفاء يا لتجلي الله .. يا روعة الجلال الفريدِ
لكأني بالكون يهتف: يا ربُّ، ويمضي مستغرقاً في الشرودِ
لكأني أحسُّ وشك اتصالي .. لكأني أشمُّ عطر الخلودِ
=========================