قصائد روحية للشاعر الهندي رابندرانات طاغور
قصائد روحية للشاعر الهندي رابندرانات طاغور
على جانب الطريق
إنك تسير على شاطئ البحر نحو المعبد البعيد؛
أنا شجرة،
وبفيئي سأقبِّل جسدك.
دعني، أيها الحاج،
أقاسمك شطرًا من مجاهدتك
على جانب الطريق
سأبقى شاهدة على رحلتك،
وفي عبادتك، إذ تقرِّب الزهور،
سيمتزج بعضٌ منِّي.
ما كان صارمًا وقاسيًا،
أضفيتُ عليه شيئًا من الطراوة؛
ما كان مجهولاً ونائيًا،
أعرتُه، بحروف من الخضرة،
مظهَرَ المعلوم.
وإذ عرفتَني
بات لكَ أن تعرف طريقك،
وفي إبداعك
يترجَّع، ضعيفًا، صوتُ مَنْ نذرتْ نفسها لك.
إن أوراقي ترتعش
في حرِّ شمس الظهيرة اللاذع،
وتنشد الصلاة التي تهجع في قلبك.
أما ثماري فأمزجها بثمار عبادتك.
وحين يندغم النهار بالليل
وتنتهي رحلتُك،
سأقف هنا وحدي، وقد انتهت خدمتي.
هذا الدرب سيبقى غاليًا على قلبي
وفي ذاكرتك سأمكث كالذكرى.
ومن أجلك، بفرح،
سأقدِّم كلَّ ما هو لي!
-----------------------------
لا تَطْوِ جناحيك
مع أن المساء يزحف
وئيدًا ومتراخيًا،
وكما لو بإيماءة منه
يُسكِتُ أغنيتك؛
ومع أنك وحيد في السماء اللامتناهية،
وجسمك منهك،
تَراك ترفع متمتمًا
صلاةً صامتة
نحو الآفاق المستترة وراء الحجاب –
مع أن الظلام مخيِّم على العالم،
أيها الطائر، يا طائري،
لا تَطْوِ جناحيك.
-------------------
أغنية الشاعر
حين كنت أوالف قيثارتي على لحني المتقطِّع
كنتَ قصيًّا عن إدراكي.
كيف كان لي أن أعرف
أن تلك الأغنيات كانت تسعى إليك
على شواطئ المجهول؟
وحالما أتيتَ قربي،
رقصتْ أغنياتي على إيقاع خطاك –
وكأن نسمة الفرح الأسمى،
في هذا الاتحاد،
كانت تنتشر عبر العالم
وكانت الأزهار تتفتح، عامًا بعد عام.
في أغنية الشاعر
تمدُّ عروس شعره يديها
لتقتبل قربان ما هو آتٍ.
إن المعلوم، في هذا الكون،
يلعب مع المجهول لعبة التخفِّي.
-----------------------
المجهول الأسمى
أمامي يمتد محيط السلام.
امخرْ، أيها الربان، عباب البحر الواسع؛
فسوف تكون رفيقيَ الأبدي –
خذني، آه، خذني بين ذراعيك.
نجم القطب سيشعُّ
منيرًا الدربَ إلى الأبدية.
أيا ربَّ الانعتاق،
مغفرتك ورحمتك
ستكونان زادي الباقي
في رحلتي إلى شواطئ الأبدية.
فلتنحلَّ أمراسُ الأرض،
وليأخذني الكونُ العظيم بين ذراعيه،
إذ يكون لي أن أعرف بلا وجل
المجهولَ الأسمى.
----------------------------