عشاق الله

قصة سيدنا عيسى من القرآن والإنجيل

  اسمه العربي عند المسلمين عيسى، وبالعبرية يشوع، وهو الاسم الذي تحول في اللغة اليونانية وفي الترجمة القبطية إلى إيسوس، ومن ثم إلى يسوع كما تكتب اليوم في الترجمات العربية للكتاب المقدس. والاسم الإسلامي عيسى هو الصيغة العربية للاسم "عيشو" باللغة الآرامية. وهي كلها صيغ مختلفة لاسم شخص واحد فريد لم يعرف التاريخ البشري نظيرا له.

 

يسميه المسلمون أيضا عيسى ابن مريم على اسم أمه التي لم تكن عاشرت قبل ولادته رجلا عندما جاءها الملاك ليبشرها أنها ستلد ابنا يكون له شان عظيم بين البشر، كانت فقط عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود يدعى يوسف . وعندما علم يوسف بأمر حملها أراد بادئ الأمر أن يطلقها سراً إذ أراد أن يجنبها الفضيحة والموت رجماً لأن الشريعة الموسوية تقضي بالرجم للزوجة وللعذراء المخطوبة إذا تبين أنها عرفت رجلاً غيرَ رجلها حسب سفر التثنية، فتدخل ملاك الرب وكشفَ له حقيقة ما جرى لمريم ودعاه لأخذها غيرَ مرتاب وأن يعطي الصبي اسم سيدنا عيسى. وقد كانت تسمية المولود الجديد امتيازاً لأب الولد وكانت بمثابة إقرار منه بأنه ابنه الشرعي.

وكان هيرودس في ذلك الوقت ملكاً على بني إسرائيل يأتمر بأمر الإمبراطور الروماني قيصر أغسطس لأن الرومان كانوا محتلين الأرض، فأمر حكام البلاد وعماله فيها أن يسجلوا جميع أفراد الرعية الداخلين في مملكته؛ وذلك بناء على أمر قيصري ورد إليه من قيصر أغسطس. فذهب كل واحد إلى وطنه، وقدموا أنفسهم بحسب أسباطهم ليكتتبوا، وسافرت مريم عليها السلام - وهي حبلى ومعها يوسف النجار - من الناصرة إلى بيت لحم إحدى مدن الجليل - لأنها كانت مدينتها - وذلك ليكتتبا عملاً بأمر قيصر. وفي هذه الأثناء، أتمت مريم أيام حملها وهي في بيت لحم.


نقرأ في القرآن الكريم هذه الآية المعبرة: "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِين" (المؤمنون: 50)

والربوة: هي المكان المرتفع. ذات قرار: ذات استقرار وأمن.معين: ماء طاهر صاف. لكن المفسرين المسلمين اختلفوا في معنى الربوة. فمنهم من قال تعني دمشق، ومنهم من قال تعني القدس. ومنهم من قال مصر. وتفسير الربوة على أنها مصر يوافق ما جاء في إنجيلي "متى" و"لوقا" في قصة أورداها تتلخص: بأن هيرودس أمر بقتل كل طفل في بيت لحم، فأمرَ الملاك يوسف النجار في منامه بأن يذهب بالطفل وأمه إلى مصر، فذهب بهما إليها، وأقاموا بها إلى أن هلك هيرودس، عندها أمر الملاك يوسف النجار في منامه أن يعود بالطفل وأمه إلى بلادهما، لأن اللذين كانوا يطلبون قتله قد هلكوا، فرجع بهما.

وكان سيدنا عيسى حينئذٍ قد بلغ من العمر سبع سنين، وجاء بهما إلى اليهودية حيث سمع أن أرخيلاوس بن هيرودس هو الذي صار حاكماً في اليهودية، فذهب إلى الجليل لأنه خاف أن يبقى في اليهودية، وكانت إقامتهم في الناصرة، ونما في النعمة والحكمة أمام الله والناس. وإلى الناصرة ينسب النصارى. ولمَّا بلغ عيسى اثنتي عشرة سنة من العمر، صعد مع أمه مريم وابن عمها يوسف النجار إلى أورشليم (بيت المقدس)، ليسجد هناك حسب شريعة الرب المكتوبة في كتاب موسى عليه السلام، ولما تمت صلواته تفقدوه فلم يجدوه، فانصرفوا إلى محل إقامتهم، ظانين أنه عاد مع أقربائهم، ولما وصلوا عائدين لم يجدوه، أيضاً، فرجعت أمه مع ابن عمها يوسف النجار إلى (أورشليم) ينشدانه بين الأقرباء والجيران، فلم يجدوه، وفي اليوم الثالث وجدوا الصبي عيسى في الهيكل وسط العلماء يحاجُّهم في أمر الناموس، وقد أُعجب كل الناس بأسئلته وأجوبته، وقالوا: كيف أُوتي مثل هذا العلم وهو حَدَث ولم يتعلم القراءة؟ فلما رأته أمه مريم وبخته قائلة: يا بني ماذا فعلت بنا؟ فأجابها: "أَلاَ تعلمين أن خدمة الله يجب أن تقدم على الأم والأب"!! ثم نزل عيسى مع أمه وابن عمها يوسف النجار إلى الناصرة، قائماً بواجب البر والطاعة.

 

ولما بلغ المسيح سيدنا عيسى من العمر ثلاثين عاماً، جاء إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام، واعتمد على يديه في الأردن، ثم هناك نزل عليه روح القدس مثل حمامةٍ. نقرأ في إنجيل متى 3: "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء . واذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" بعدها خرج إلى البرية، وصام فيها أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب. ولمّا علم المسيح عيسى عليه السلام بمقتل يحيى عليه السلام، جاء إلى الجليل وترك الناصرة، وسكن كفر ناحوم، وكان يعظ ببشارة ملكوت الله. نقر أ في القرآن الكريم في سورة المائدة: "وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" وسار المسيح عليه السلام يعلم الناس في مجتمع يهودي كثر فيه اليهود الخارجون عن دين الله وهم يزعمون أنهم على شريعة موسى، فيه انحرافات كثيرة عن الشريعة الربانية التي أنزلها الله على موسى، وأكدها الأنبياء والرسل الذين تتابعوا بعده من بني إسرائيل، كما دخلت إلى شريعتهم تحريفات كثيرة مسّت أصولها ونصوصها، وشروحها وأحكامها.

وأهاب سيدنا عيسى ببني إسرائيل أن يرجعوا إلى الله ويخلصوا له في العبادة، ويصححوا ما دخل إلى شريعتهم من تحريفٍ وتبديل، ويحلل أشياء كانت محرمة عليهم في شريعة الله التي أنزلها على موسى عليه السلام والرسل من بعده. نقرأ أيضا في القرآن الكريم في سورة آل عمران: "وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ"

وأجرى الله على يد سيدنا عيسى المعجزات الباهرات تصديقاً له، وتأييداً لرسالته، حيث ذكر القرآن الكريم بعض من هذه المعجزات التي نجد تفصيلها في الإنجيل الشريف:

1. الخلق: "ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك.. إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فتكون طيراً بإذنى" سورة المائدة 110

  2. إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص: يقول القرآن الكريم بلسان المسيح "وأبرىء الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله" سورة آل عمران 49.

(الأكمه هو من ولد أعمى. والبرص هو المرض الخطير الذي يصعب شفاؤه. والمسيح هو الوحيد الذي منح البصر لإنسان مولود أعمى من بطن أمه. وحتى الطب رغم تقدمه يعجز عن شفاء المولود أعمى. وهذه المعجزة أدرجت بصورة مفصلة في الإنجيل الشريف 1يوحنا الإصحاح التاسع.)

3. العلم بالغيب: وهذه صفة لا تتوفر إلا عند الله عز وجل ولكن القرآن الكريم نسبها للمسيح حيث قال القرآن الكريم بلسان المسيح "وأنبئكم بما تأكلون وما تدخروه في بيوتكم" سورة آل عمران 49.

 

لكنه اصطدم في دعوته بجدال (الصدوقيين)، وكانوا فرقة من اليهود تنكر اليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء، فأفحمهم بالحجة. كما اصطدم عليه السلام بجدال الرؤساء الدينيين اليهود، المنحرفين في مفاهيمهم الدينية عن أصول الشريعة الربانية، وفي تطبيقاتهم العملية عن السلوك السوي، وهم يرتدون في مظاهرهم مسوح الرِّياء. فحاجّ   الفريسيين، والكتبة وهم الوعّاظ وكتّاب الشريعة لمن يطلبها، 'والكهنة' وهم خدمة الهيكل، وكانت حججه دامغة مفحمة لهم. وصدّق عيسى طائفةٌ من بني إسرائيل، وكذّبه الأكثرون، وكان مِن ضمن مَنْ صدَّقه ولازمه: الحواريُّون (وهم أصحابه وتلاميذه المرافقون له)، وكانوا اثني عشر رجلاً.

وبقي يجاهر بدعوته، ويجادل المنحرفين من كهنة وكتبة وفريسيين، ويدلهم على الله، ويأمرهم بالاستقامة، ويبين فساد طريقتهم، ويفضح رياءهم وخبثهم، حتى ضاقوا به ذرعاً. فاجتمع عظماء اليهود وأحبارهم فقالوا: إنَّا نخاف أن يفسد علينا ديننا، ويتبعه الناس، فقال لهم قيافا - رئيس الكهنة -: لأَنْ يموت رجل واحد خير من أن يذهب الشعب بأسره، فأجمعوا على قتله، فَسَعَوا به لدى الحاكم الروماني، وزينوا له شكواهم منه، وربما صوّروا له دعوة عيسى بصورةٍ سياسيةٍ تريد تقويض الحكم القائم! وزعموا له أن عيسى يسعى لأن يكون ملكاً على اليهود، وينادي بذلك! وما زالوا بالحاكم حتى حملوه على أن يقرر أن يتخلص من عيسى عليه السلام بقتله وصلبه، على طريقة الرومان التي كانوا يفعلونها فيمن يحكمون عليه بالقتل!! وعلم عيسى عليه السلام بمكر القوم به، وعزم الحاكم على قتله، فاختفى عن أعين الرقباء، حتى لا يعرف مكان وجوده أعوان الحاكم فيقبضوا عليه، ولا أعداؤه من اليهود فيدلوا عليه.

لكن ميقات ساعة سيدنا عيسى المسيح كان قد أزف. فدخل إلى مدينة القدس ممتطيا   حمارا، وتلقاه أصحابه بسعف النخل. وفي في أيام قلائل بعد هذه الحادثة، أرسل تلاميذه لتحضير ما يُعرَف "بعشاء الفصح" أو "العشاء الأخير" وكان ذلك اليوم هو يوم الخميس، وفي أثناء تناولهم العشاء أنبأهم سيدنا عيسى عما سيحل به وعن خيانة أحدهم لهالذي هو – يهوذا الإسخريوطي - ويسهب إنجيل يوحنا بوصف الحوار الذي دار بين سيدنا عيسى والتلاميذ حيث أعطاهم وصيته الأخيرة"هذه هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُم. لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" وبعد العشاء ذهب سيدنا عيسى والتلاميذ إلى بستان الزيتون المدعو "جثسيماني" ليصلًّوا.

 

وفي البستان قضى سيدنا عيسى ساعات عصيبة بمناجاة الله تعالى، بعدها جاء جند الهيكل ليقبضوا عليه بأمر من السنهدريم – المجمع اليهودي الأعلى – وبأمر من رئيس الكهنة "قيافا"، وقد تم الاعتقال تحت جنح الليل لتجنب الشغب الذي قد يحدثه أنصار سيدنا عيسى إذا ما تم اعتقاله في وضح النهار، فشعبية سيدنا عيسى كانت تزداد بين الناس. وأثناء إلقاء القبض على سيدنا عيسى هب تلميذه بطرس مستلا سيفه ليُهاجم أحد الحراس فقطع أذنه ولكن سيدنا عيسى حسب إنجيل لوقا أعاد أذن الرجل إلى مكانها وشفاه، ثم أمر بطرس أن يعيد سيفه لغمده وقال: رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ" وبعد أن أخذ الجنود سيدنا عيسى فر تلاميذه واختفوا عن الأنظار. خلال المحاكمة أمام السنهدريم قام شهود زور ليشهدوا ضد سيدنا عيسى ولكن شهاداتهم لم تتفق فيما بينها، فسأل رئيس الكهنة والشيوخ سيدنا عيسى بشكل مباشر: "أَفَأَنْتَ أبْنُ اللهِ؟"، فَقَالَ لَهُمْ": أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُو" فأدانوا عندها سيدنا عيسى بتهمة التجديف وعقوبة هذه التهمة هي الموت.

 

وفي صباح اليوم التالي، يوم الجمعة، أرسل رئيس الكهنة سيدنا عيسى إلى الحاكم الروماني بيلاطس البنطي ليحكم عليه لأنه لم يكن يحق للمحاكم اليهودية تنفيذ حكم الموت بحق أحد دون الرجوع إلى الرومان، فقدم اليهود سيدنا عيسى لبيلاطس البنطي على أنه مثير للشغب وبأنه يدعي لنفسه مُلك اليهود وبأنه أمر الناس بعدم دفع الجزية للقيصر، أما بيلاطس فأثناء استجوابه لسيدنا عيسى لم يجد فيه أي علة تدفعه لقتله بل علم بأن اليهود إنما يريدون قتل سيدنا عيسى بدافع الحسد والغيرة، ولكن الجموع كانت تُلح عليه لكي يأمر بصلبه، وعندما علم بيلاطس بأن سيدنا عيسى من الجليل قام بإرساله إلى هيرودس حاكم تلك المنطقة إذ كان آنذاك في زيارة لأورشليم وكان هناك عداوة بين بيلاطس وهيرودس، ولما لم يحكم هيرودس على سيدنا عيسى بشيء رده إلى بيلاطس.

 

وكان بيلاطس يطلق لليهود كل عام أي سجين يختارونه فتوجه للحشد وقال لهم: أَنَا لَسْتُ أَجدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَة وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ فَصَرَخُوا أَيْضاً جَمِيعُهُمْ قَائِليِنَ: "لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ!". وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً.

 

 

بعد ذلك أمر بيلاطس بأن يُجلَد سيدنا عيسى علَّ ذلك يرضي الشعب لأنه كان يعلم بأن سيدنا عيسى بريء ولا يستحق الموت، كما أن إنجيل يوحنا يقول بأن بيلاطس كان خائفا من قتل سيدنا عيسى لأنه ادعى بنوته لله، كما أن زوجته أرسلت إليه طالبة أن يرأف به لآنها تألمت من أجله في حلم. وعندما عرض بيلاطس سيدنا عيسى أمام الناس ازداد هيجانهم وطالبوا أكثر بأن يُصلب، ولكن بيلاطس كان مترددا في ذلك فصرخ اليهود: "إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَأوِمُ قَيْصَرَ" فخشي بيلاطس على نفسه وفضّل إرضاء الشعب فغسل يديه وأعلن بأنه بريء من دم سيدنا عيسى فهتف اليهود: "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا"

 

عندها أسلم سيدنا عيسى لمشيئتهم ليًصلب، فأخذه الجنود وألبسوه ثوبا أرجوانيا ووضعوا إكليلا من الشوك على رأسه وكانوا يستهزئون به ويبصقون عليه، ثم حمَّلوه صليبه وأخذوه إلى الموضع الذي يًسمى "جلجثة" أي الجمجمة وصلبوه هناك مع لصين واحدًا من على يمينه والأخر من على يساره، وكان بيلاطس قد أمر بأن توضع لوحة فوق صليبه كتب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود" هذا على الرغم من اعتراض قادة اليهود على ذلك. لم يكن أحد من أتباع سيدنا عيسى معه عند الصليب سوى أمه ويوحنا وبعض النسوة.

 

بعد موت سيدنا عيسى قام شخص يدعى يوسف الرامي – رجل يهودي ثري من أعضاء السنهدريم آمن بالبشارة بحسب إنجيلي مرقس ولوقا – قام بطلب جسد سيدنا عيسى من بيلاطس فأذن له بيلاطس بأن يأخذه فقام الرامي بإنزاله عن الصليب وبدفنه في قبر كان قد نحته لنفسه في بستانه وبحسب إنجيل يوحنا فإن نيقوديموس الفريسي وهو أحد أتباع سيدنا عيسى كان قد ساعد الرامي بعملية الدفن، وكانت هناك أيضًا مجموعة من النسوة المؤمنات بسيدنا عيسى تنظرن أين دفنوا الجسد: وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُه. فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطاً وَأَطْيَأباً. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ.

 

يؤكد الإنجيل الشريف أن سيدنا عيسى قد قام من الموت في اليوم الثالث لصلبه، وينص إنجيل متى عن ظهور ملاك قرب قبر سيدنا عيسى وتبليغه خبر قيامته للنسوة الذين كن قد جئن إلى هناك ليُطيبن جسده بحسب العادة التي كانت جارية آنذاك، وبحسب إنجيل لوقا كان هناك ملاكان في القبر أما إنجيل مرقس فيتحدث عن وجود شاب يرتدي لباس أبيض.

 

وفي إنجيل مرقس نقرأ أن مريم المجدلية كانت أول من ظهر لها المسيح في صبيحة القيامة، وفي إنجيل يوحنا قيل بأن مريم المجدلية نظرت إلى داخل القبر فرأت هناك ملاكين سألوها عن سبب بكاءها، ثم التفتت خارجا فرأت شخصا تكلم إليها ولم تدرك أنه سيدنا عيسى بنفسه حتى نطق باسمها.

 

في سفر أعمال نقرأ أن سيدنا عيسى قد ظهر لعدة أشخاص في عدة أماكن مختلفة خلال فترة أربعين يوما بعد يوم قيامته، وكان قد ظهر بعد قيامته بساعات لإثنين من اتباعه بينما كانوا مسافرين في الطريق صوب قرية عمواس، وظهر بعد ذلك لتلاميذه الإثني عشر عندما كانوا مجتمعين في العليَّة بدون توما ومرة أخرى عندما كان توما معهم.

وبينما كان سيدنا عيسى قد توجه بتبشيره أثناء حياته لليهود بشكل خاص فقد أوصى تلاميذه بعد قيامته بنقل الأخبار السارة إلى كل العالم، فقد قال لهم أثناء صعوده للسماء بعد أربعين يوما من قيامته: سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ، وبحسب أعمال الرسل فأن سيدنا عيسى ظهر لاحقا لبولس الرسول أثناء سفره إلى دمشق، وقد وعد سيدنا عيسى بأنه سيأتي مرة أخرة ليتمم كل ما تبقى من نبوات عنه حول الأيام الأخيرة.