عشاق الله

خواطر العم عبد العزيز

قبل 48 سنة حبس العالم أنفاسه منتظرا عودة رواد أبولو 13 الشجعان إلى الأرض. وقبل شهر واحد فقط شعرت أن العالم حبس أنفاسه مرة أخرى وهو يدعو الله لأجل نجاح محاولة الإنقاذ الشجاعة لأطفال فريق كرة القدم التايلاندي.

أحيانا تحدث معنا أشياء ولا يكون أمامنا خيار سوى المواجهة الشُّجاعة. أحيانا أخرى كما حدث مع منقذي فريق كرة القدم، نواجه خيارًا غير مفروض علينا. هل كان المنقذون شجعانا دونما خوف عند دخول الكهف لإنقاذ الأطفال أم أنهم شعروا بالخوف عند الدخول ولكن واجهوه بشجاعة؟

هناك فرق بين الإقدام والشجاعة: الإقدام هو القدرة على مواجهة الخطر أو الألم أو محاولات الترهيب دون أي شعور بالخوف. أما الشجاعة فهي القدرة على القيام بشيء صعب جدا أو مواجهة ألم مبرح على الرغم من وجود عامل الخوف المؤكد. الأمر في الحالتين يتعلق بموقفنا من الخوف.

عندما نتخذ قرارًا بشأن أمر ما تكون لذلك الأمر نتائج وتبعات. لكل شيء في هذه الحياة نتائج وتبعات. لكن القرارات الكبرى تكون لها نتائج وتبعات كبرى أيضا. أحيانا تكون تلك النتائج جيدة، وأحيانا أخرى تكون سيئة. قبل 38 عاما قررت الزواج من المرأة التي هي الآن زوجتي فعلا. نتائج وتبعات ذلك كانت أكثر من جيدة. لقد كانت دائما زوجة رائعة. 

بعض الناس اتخذوا قرار اتباع المسيح. وهذا هو عين ما دعانا للقيام به. لكن ما الذي قاله المسيح وماذا كان يعني حين طلب منا اتباعه؟ أحيانا تكون نتائج وتبعات اتباع السيد المسيح صعبة وتتطلب شجاعة كبيرة.

فقد قال سيدنا عيسى المسيح في إنجيل مرقس 10: 21-22 "يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ"

لديّ صديق لا يتخلى أبدا عن فريضة الزكاة. يزكي ويتصدق كل عام على الفقراء. لكنه يحب دائما أن يفعل ذلك بشكل مباشر، لا من خلال أي من الجماعات الخيرية. لذلك يبحث عن الأشخاص المعوزين ويكرمهم. أحترم كثيرا هذا الصديق وأحترم الطريقة التي يطبق بها الزكاة والصدقة. لم يبع صديقي كل ما لديه ويعطه للفقراء. ولست متأكداً من أن المسيح دعانا جميعاً للقيام بذلك، فقد قال ما قاله تحديداً لشخص لم يكن ثرياً فحسب، بل كان يفتقد الشجاعة لمواجهة الحياة بدون ثروته.

يقول السيد المسيح أيضا في إنجيل متى 16: 24-25 "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟"

نعرف من خلال الأخبار أن بعض الناس سواء مسيحيين أو مسلمين يتعرضون للقتل بسبب عقيدتهم. هل نحن أكثر أمنا إذا كنا مسيحيين او مسلمين؟ الجواب لا. يطلب منا السيد المسيح أن لا نتمسك بحياتنا بقوة وأن نعيشها بشجاعة. لماذا؟ هل لأن هناك جنة تنتظر أولئك الذين يقتلون بسبب عقيدتهم؟ لا، أبدا! السيد المسيح لم يعد أحدا أبدًا بالجنة. لكن وعد بالحياة الأبدية وسط جماعة محبيه ومحبي الله الآب.

عندما كنت صغيرا علّمني أبي أشياء عن الثقة  في المسيح الذي قال "هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 28: 20) وفيما يلي قصيدة ظل أبي يرددها عندما كان يواجه مرض السرطان بشجاعة: