عشاق الله

خواطر العم عبد العزيز و الموسيقى

زار أحد أصدقائي من فلسطين كنيسة مسيحية، فأخبرني أنه صدم بما سمعه هناك. لقد كانوا يغنون أغان ويؤلفون مقطوعات موسيقية. كان الأمر مختلفا جدا عما ألفه في محيطه الديني.


تفهمت مشاعره. فأنا أيضا لا أستطيع الغناء وأكره الغناء حقا. لكن ردة فعل صديقي جعلتني أفكر في الموسيقى وأشياء أخرى لها صلة بالدين.


أحببت الموسيقى منذ حداثة سني، وقد اشتغلت لسنوات في مجال الصوت في أحد أستوديوهات الموسيقى. هناك سجلت أنماطا موسيقية عديدة ومختلفة، وكان ذوقي الموسيقي متسما بالتنوع على الرغم من أنني أفضل الموسيقى الحديثة على الموسيقى الكلاسيكية. فأنا أحب الإبداع في الموسيقى، وأحب الأغاني التي تسرد حكايات.


لا أحب بعض الأنواع من الموسيقى. فأنا لا أحب الموسيقى السيئة. كما لا أحب الموسيقى الساذجة أو المملة. ولدي سبب ديني لذلك. قد يبدو الأمر شبيها بالجمع بين نقيضين، ولكن اصبر علي أيها القارئ لترى إن كان الأمر سيبدو منطقيا بالنسبة لك أيضا.


نعرف أن الله خالق مبدع. هو خلق العالم كله، بل ليس العالم كله فقط لكن الكون بأسره. وقد كان خلقه جميلا جدا. وعندما خلق العالم كان سعيدا بما فعله.


الحديث "خلق الله آدم على صورته" رواه أبو هريرة عن البخاري والمسلم. لهذا إن كان الله مبدعا، ونحن مخلوقون على صورته فسنكون أيضا مبدعين خلاقين. وما نشاهده حولنا من فن ونسمعه من موسيقى يدل على أن أبناء آدم مبدعون جدا.


ولكن بينما يستخدم المسيحيون الموسيقى في كنائسهم، لا يفعل المسلمون ذلك في مساجدهم.


إن أهل الشرق الأوسط يحبون الموسيقى. فالموسيقى موجودة في كل مكان هناك. بعض تلك الأماكن صالح وبعضها ليس كذلك مما لا نود أن نعترف أننا زرناها يوما! لكن الكثيرين منا زاروا تلك الأماكن الغير صالحة. في الواقع هناك الكثير من الأشياء التي نقوم بها ولا نريد أن نعترف أننا قمنا بها، لأننا إذا اعترفنا بذلك نجلب على أنفسنا العار.


لكن الله يرى كل شيء. لذلك هو يعرف إن كنا زرنا تلك الأماكن، بل يعرف حتى أفكارنا الخفية. وأنا متأكد أننا قد نود ألا يعرف جل وعلا شيئا عن تلك الأفكار!
علاوة على تلك الأمور، هناك لحظات استمعت فيها إلى الموسيقى وكانت جميلة بشكل جعلني أعتقد أنني مت ودخلت الجنة! فهل يجب أن أطرد هذه الصورة لأن بعض المسلمين يفرقون بين الموسيقى والدين؟


لا، وهذا هو الأهم، الله يعرف ويرى كل شيء. فالفصل بين ما هو ديني وما هو غير ديني ليس أمرا قام به الله تعالى، ولكن الإنسان هو الذي أقام هذا الفرق. كل شيء، كل شيء على الإطلاق، يمكن أن يكون صالحا جميلا ويستخدم لتمجيد الله أو يتم تحويله ويستخدم لتمجيد الإنسان والشر.


وعندما أسمع صوتا جميلا، مثل الشيخ يمّوت وهو يردد في الفيديو ذلك الدعاء الرائع الذي ألفه النبي داود (عليه السلام)، فإنني أعرف أن الله أيضا هو يستمع ويستمتع به. وهذا ما يريده الله أكثر من أي شيء آخر، أن نربط صلتنا به ونشارك حياتنا معه.