عشاق الله

خواطر العم عبد العزيز

قبل سنوات قليلة جاءني ثلاثة أشخاص ووجهوا إلي اتهامات مغرضة. اتهموني أنني أزمعت التخلي عن زوجتي، وأنني اقتحمت مكتبهم وخربت نظامهم المعلوماتي، بالإضافة إلى اتهامات أخرى لا أساس لها تماما من الصحة. عرفت فيما بعد أن أحدهم كان يلاحقني ويسجل ملاحظات حتى يؤول كلامي بما يروق له. كان ذلك تهجما على نزاهتي، خصوصا أن الحقيقة مسألة هامة جدا بالنسبة إلي. كان ذلك أيضا تهجما على شرفي.


لقد نشأت على مبدأ الشرف كقيمة أساسية انغرست انغراسا في داخلي، ليس من خلال أبويّ فقط، بل أيضا من خلال مدرستي على الخصوص. كان الشرف جزءا لا يتجزأ من ثقافتنا. وكان الموت مع الشرف أفضل من العيش بدون شرف!


تساءلت كيف أتعامل يا ترى مع ذلك التهجم؟ أولئك الأشخاص كانوا أصدقائي وزملائي في الشغل. لماذا كانوا يتهجمون علي هكذا؟ حاولت أن أناقشهم وأظهر لهم خطأهم. فعقدنا اجتماعا كبيرا في مقر الشغل نظرا لاتهامهم لي باقتحام مكتبهم وتخريب نظامهم الحاسوبي. كان ذلك الاجتماع عبارة عن محكمة حقيقية أدليت فيها بكل الأدلة لإثبات براءتي.


بعد ذلك الاجتماع اعترفت إدارة الشركة أن جميع أدلتي تثبت صحة أقوالي بعدم اقتحام المكتب وتخريب النظام الحاسوبي. إلا أنهم رغم ذلك استمروا في اتهامهم لي وعدم تصديق أقوالي.
ماذا كان علي أن أفعل؟ كنت أرى أولئك الأشخاص كل أسبوع، ومع ذلك تهجموا على شرفي. كثيرون بينكم يعرفون أنني أسير على خطى المسيح. فوقفت أتساءل عن ردة فعله هو فيما حدث لي؟ وكيف يمكنني مواصلة السير على خطاه؟


بعد حوالي شهر اعتذر لي أحد أولئك الثلاثة، وقال أنه يصدقني وأنه كان مخطئا في توجيه تلك الاتهامات المغرضة. لا أستطيع القول بسهولة مسامحته لكنني سامحته. لست متأكدا من إمكانية أن أدعوه إلى وجبة طعام، لكنني رأيت أنه قد تاب حقا.
لكن ماذا عن الشخصين الآخرين اللذين كانا سادرين في ادعاءاتهما بكوني كاذبا؟


لقد قتل المسيح على الصليب بسبب جرم لم يرتكبه. وبينما هو معلق على الخشبة خاطب الله قائلا "اللهم، أيها الأب الرحمن، اغفر ذنوبهم، لأنهم يجهلون ما يفعلون" (لوقا 23: 34)


هذا الأمر جعلني أدرك أن السيد المسيح كانت لديه فكرة عن الشرف مختلفة عن فكرتي. ففي موقف العار ذلك استطاع أن يطلب الغفران لقاتليه. لا أعرف إن كنت أستطيع القيام بذلك. لكنني كلما سرت أكثر على خطى المسيح كلما أدركت مدى صعوبة ذلك. إلا أن الغفران موجود في صلب ذلك المسار.


علمنا السيد المسيح صلاة قال فيها أن علينا أن نناشد الله غفران خطايانا تماما كما نحن نغفر لمن أخطأ في حقنا "اغفِرْ لنا سَيّئاتِنا كَما نُسامِحُ مَن أخطَأ في حَقِّنا" (لوقا 11: 4)
فرحلتنا مع المسيح تقتضي أن نغفر للآخرين، وهي ليست رحلة سهلة، لكنها السبيل الذي اخترته.