عشاق الله

شيفرة دافنتشي

شيفرة دافنتشي

 

ردة الفعل الأخيرة على فيلم شيفرة دافنتشي لما فيه من إساءة لشخص السيد المسيح و كذا الرواية التي بني عليها الفيلم من قبل تذكرنا بردة الفعل الإسلامي على الرسوم المسيئة لشخص الرسول. لكن ردة الفعل التي صحبت  عرض فيلم شيفرة دافنتشي و كذا الرواية من قبل اختلفت كثيرا من حيث الطبيعة و الحدة عن ردة فعل المسلمين بخصوص الرسوم المسيئة. و الاختلاف واضح جدا نظرا لطبيعة الشخصين موضع الإساءة.

فالإساءة للمسيح ليست وليدة اليوم أو البارحة، و لكنها متجذرة في أساس الإيمان المسيحي. إن الصليب هو تجسيد لأقسى إساءة تعرض لها نبي على مر التاريخ. فبعد أن جُلد بقسوة حتى تمزق جسده تماما، اجتمع عليه أعداؤه قبل صلبه فنزعوا عنه كل ثيابه و ألبسوه ثوبا قرمزيا، و وضعوا فوق رأسه تاجا من الشوك و في يده قصبة، ثم صاروا يشبعونه بصقا، و يضربونه بشدة على رأسه حتى ينغرز شوك التاج في رأسه. و بعد كل هذه المعاناة الرهيبة كلفوه بحمل صليبه الثقيل على طول الطريق المؤدي إلى الجلجثة، فناء عدة مرات بحمله و انهار على الأرض إلى أن برز سمعان القيرواني و ساعده على حمله. ثم هناك على الجلجثة أخذوه و شدوه بقوة إلى الصليب و دقوا المسامير في يديه و رجليه ثم حفروا لقاعدة الصليب حفرة عميقة، و رفعوا الصليب و المسيح مشدود إليه، ثم ركزوا قاعدته بقوة في الحفرة العميقة التي حفروها، مما جعل المسامير تمزق اليدين و الرجلين عندما اصطدمت قاعدة الصليب بقاع الحفرة. ثم كان ما كان من استهزاء و تعذيب له إلخ...

هذا العذاب الخارق الذي تعرض له السيد المسيح لكي يكمل رسالته جعلت المؤمن بهذه الرسالة لا يعير انتباها كبيرا لأية إساءة تلحق بالسيد المسيح. فهو قد تلقى أخطر إساءة. فماذا يضيره كاتب يسيء له، أو رسام يستهزئ به، أو فيلم يفتري عليه. من هنا كانت ردود الفعل على فيلم شيفرة دافنتشي منعدمة الحدة، بل يمكن القول أنها تبقى مع ذلك ردود فعل مؤسساتية أي ردود فعل مؤسسات مسيحية أكثر منها ردود فعل مسيحيين. ذلك أن المؤمنين المتشربين إلى العمق رسالة السيد المسيح و المتمثلين حد التماهي مغزى عذابه على الصليب لا يسعهم سوى التأمل بسخرية الحكيم في كل هذا اللغط الإعلامي الردئ غير عابئين بهذه الشيفرة و بكل أخواتها ماضيا و حاضرا و مستقبلا.

  نادر عبد الأمير